ISLAM SELON LE CORAN ET LA SUNNA

ISLAM SELON LE CORAN ET LA SUNNA

نعمة البصر - خطبة الجمعة 16-04-1433هـ

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين، أمَّا بعد:

فيا أيُّها الناسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى، عباد الله، إن من نعم الله على عباده، من نعم الله علينا نعمة البصر كلك النعمة التي امتن الله بها علينا في غير ما آية من كتابه العزيز قال جل وعلا: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وقال: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) وقال: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ*وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، كلك النعمة التي نبصر بها ونستعين بها في حركتنا وسكناتنا في إقامتنا وفي سفرنا وفي كل أحوالنا نتمتع بالنظر إلى ما تشتهي النفس وراحتها نتقي بها هوام الأرض ونبتعد بها عن أماكن الضر والأذى نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله عليها ونستعين بها على طاعة الله جل وعلا ونراقب الله فيها ونعلم أنها نعمة سُنسأل عنها يوم القيامة: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً)، ولعظيم هذه النعمة وأهميتها أولى الإسلام بها أيما عناية فأولاً أمر المسلم بأن يوجه نظره للتأمل في خلق الله ونعمه وآلاءه والاستدلال بذلك على كمال عظمته وحكمته وأنه المستحق للعبادة دون سواه (أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ) قال جل وعلا: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ* ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) وقال: (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ*وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ* وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ*وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)، ومن عناية الإسلام بهذه النعمة أنه حرم على المسلم أنه أمر المسلم بغض بصره وحرم عليه إطلاق البصر في غير ما أحل الله له، لأن في إطلاق البصر سبب عظيم في الوقوع في المحرمات، ولذا جاء الأمر في غض البصر قبل الأمر بحفظ الفرج لأن غض البصر من أسباب حفظ الفروج قال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)، فالإسلام يدعو إلى مجتمع نظيف لا تدار فيه الشهوات كل لحظات فإن في إثارة الشهوات سبب للوقوع في المحظور يقول صلى الله عليه وسلم: "اكفلوا لي ستاً أكفل لكم الجنة: أصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، وحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" فالبصر رسول القلب فكلما نظر حرك القلب حتى يتقد من أفكار وأمور خطيرة.

أيها المسلم، ومن عناية الإسلام أيضاً أنه أمر بالاستئذان قبل الدخول بيوت الغير لأن هذا الاستئذان سبب لراحة أهل البيت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) فأمر بالاستئذان قبل الدخول لأن الاستئذان راحة لأهل البيت إذا البيوت أمة راحة الناس تسكن فيه نفوسهم وتطمئن فيها أرواحهم ولا تكون حرماً آمنا إلا إذا علم أهل البيت وأذنوا لمن يدخل عليهم ودخل عليهم بعلمهم وبإذنهم وبالأوقات الذين يحددونها، ذلك أن البيوت أماكن تواجد الناس وتساهم في أمورهم فلا يجوز مفاجئتهم والإطلاع عليهم، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا ينظر من جحر باب في إحدى حجره ومعه مدراك يحك بها رأسه فقال: "لو أعلم أنك تنظر لفقعت به عينك إنما جعل الاستئذان لأجل البصر"، فالاستئذان إنما جعل خوفا من أن ينظر العبد ببصره ما أمر قد يعود عليه الشر وعلى أهل بيته بالشر والأذى، ومن عناية الإسلام بالبصر أيضا أنه أرشد الناس إلى عدم الجلوس في الطرقات لأن الطريق يسلكه كثير من رجال ونساء والجالسون في الطرقات ربما يكون هدف بعضهم التطلع إلى عورات النساء ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ"، قالوا يا رسول الله: أماكننا لا بد منها نتحدث فيها، قال: "إِنْ أَبَيْتُمْ الجُلُُوسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ"، قالوا: وما حق الطريق؟، قَالَ: "غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ".

أيها المسلم، ومن عناية الإسلام بالبصر أيضا أنه صلى الله عليه وسلم ربى الشباب المسلم بالرفق واللَّين على حفظ البصر وكفه عن التطلع النساء الأجنبيات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وكان منصرفاً من مزدلفة إلى منى مردف الفضل بن العباس معه فلما أوقفتهم امرأة تستفتي نظر الفضل إليها ونظرة إليه فصرف وجه الفضل عنها فنظر مع الشق الثاني فصرف وجه عنها وقال: "رأيت شاباً وشابة فخفت أن يحدث بينهما شرا" فانظر إلى هذه التربية السليمة والتوجيه القيم أنه غير وجه ذلك الشاب خوفا من أن ينظر إلى تلك المرأة فلما حول الشاب نظره وجه الأخرى حول وجه أيضا عنها كل ذلك حرص على حفظ البصر وعدم التطلع إلى ما حرم الله، ومنها أيضاً أن الإسلام شاء بالتدرج في حفظ البصر فنهى المسلم عن التمادي في ذلك سأل جرير النبي صلى الله عليه وسلم عن النظرة الفجاءة فقال: "اصْرِفْ بَصَرَكَ"، وقال لعلي رضي الله عنه : "يا عليُّ لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لكَ الأُولَى، وليست لكَ الثانيةُ" أي: النظرة المفاجأة قد تقع لكن لا تتمادى فتتبع النظرة النظرة كما عفي لك في الأولى لا يعفى عنك في الثانية، ومن عناية الإسلام أيضا بغض البصر أنه نهى الرجل أن ينظر إلى عورة الرجل والمرأة أن تنظر إلى عورة المرأة ونهى الرجل أن يكون مع الرجل في ثوب واحد وكذلك المرأة فقال: "لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلاَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ" كل هذا حمايةً للمجتمع وتنقيةً له وإبعادا له عن الوقوع في الرذائل، وإن آفة إطلاق البصر آفات سيئة فمن أعظمها أن إطلاق البصر مخالف لأمر الله مخالف لنهي الله فإن الله قال: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) فمطلق النظر مخالف لهذا الأمر العظيم، ومن آفة النظر أيضا أنه وسيلة إلى الوقوع في المهالك وسيلة في الوقوع في الشر الشيطان يستدرج ابن آدم من خطأ إلى خطأ حتى يوقعه في البلاء، ومن آفة ذلك أيضاً من آفات إطلاق البصر أنه يعود بالحسرة على صاحبه فربما يرى أمراً لا يستطيعه أو أمراً لا يصبر عنه فيقع في المحذور، ومن أعظم الآفات أيضا ما يقع في القلب من التساهل بالمحرمات كمن أكثر النظر وأدامه أصبح عنده الأمر عاديا ينظر إلى المرأة ويتدبر ويتفكر دائما وأبدا فيذهب من قلبه الغيرة على محارم الله وتكون المعاصي والسيئات عنده سهلة يسيرة فلا يبالي ولا يتورع، فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه وان يتأدب بآداب الشرع من غض البصر عما حرم الله عليه لأن في ذلك زكاة قلبه (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ) أزكى لقلوبهم أطهر لنفوسهم وأصون لهم عصمة لهم من الخطأ أبعاداً لهم عن مواطن الشر وأماكن الفساد لتكون القلوب قلوب سليمة فإذا صلح القلب واستقام استقامة الجوارح، إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح لها الجسد كله وإذا فسدت فسد لها الجسد كله ألا وهي القلب، وإذا استمر البصر على النظر المحرم فإن في ذلك فساداً للقلب وانحراف له عن طرق السوء، حفظنا الله وإياكم بالإسلام ووقنا وإياكم شر أنفسنا والشيطان إنه على كل شيء قدير، أقولٌ قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفورٌ الرحيم.

 



10/03/2012
0 Poster un commentaire

A découvrir aussi


Ces blogs de Religion & Croyances pourraient vous intéresser

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 8 autres membres